حكم الاحتفال بعيد شم النسيم
سوف نذكر بعضًا من فتاوى علماء الأزهر في حكم الاحتفال بعيد شم النسيم:
فتوى الشيخ علي محفوظ، عضو هيئة كبار العلماء في مصر:
قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله تعالى يوم شم النسيم، وما أدراك ما شم النسيم ؟ هو عادة ابتدعها أهل الأوثان لتقديس بعض الأيام تفاؤلاً به أو تزلفًا لما كانوا يعبدون من دون الله، فعمرت آلافًا من السنين حتى عمت المشرقين، واشترك فيها العظيم والحقير، والصغير والكبير، ويا ليتها كانت سُنة محمودة فيكون لمستنها أجر من عمل بها، ولكنها ضلال في الآداب وفساد في الأخلاق.
وقال رحمه الله أيضًا فهل هذا اليوم يوم شم النسيم في مجتمعاتنا الشرعية التي تعود علينا بالخير والرحمة ؟ كلا، وحسبك أن تنظر إلى الأمصار، بل القرى، فترى في ذلك اليوم ما يزري بالفضيلة، ويخجل معه وجه الحياء من منكرات تخالف الدين، وسوءات تجرح الذوق السليم، وينقبض لها صدر الإنسانية، إن الرياضة واستنشاق الهواء، ومشاهدة الأزهار من ضرورات الحياة في كل آن لا في ذلك اليوم الذي تمتلئ فيه المزارع والخلوات بجماعات الفجار وفاسدي الأخلاق، فتسربت إليها المفاسد، وعمتها الدنايا، فصارت سوقًا للفسوق والعصيان، ومرتعًا لإراقة الحياء، وهتك الحجاب، نعم، لا تمر بمزرعة أو طريق إلا وترى فيه ما يخجل كل شريف، ويؤلم كل حي، فأجدر به أن يُسمى يوم الشؤم والفجور ترى المركبات والسيارات تتكدس بجماعات عاطلين يموج بعضهم في بعض بين شيب وشباب ونساء وولدان ينزحون إلى البساتين والأنهار، ترى السفن فوق الماء مملوءة بالشبان يفسقون بالنساء على ظهر الماء، ويفرطون في تناول المسكرات، وارتكاب المخازي، فاتبعوا خطوات الشيطان في السوء والفحشاء في البر والبحر، وأضاعوا ثمرة الاجتماع فكان شرًا على شر، ووبالاً على وبال، تراهم ينطقون بما تصان الآذان عن سماعه، ويخاطبون المارة كما يشاؤون من قبيح الألفاظ، وبذيء العبارات، كأن هذا اليوم قد أبيحت لهم فيه جميع الخبائث، وارتفع عنهم فيه حواجز التكليف، «أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ» المجادلة
فعلى من يريد السلامة في دينه وعِرضه أن يحتجب في بيته في ذلك اليوم المشؤوم، ويمنع عياله وأهله، وكل من تحت ولايته عن الخروج فيه حتى لا يشارك اليهود والنصارى والسفهاء في مراسمهم، والفاسقين الفاجرين في أماكنهم، ويظفر بإحسان الله ورحمته «الإبداع لعلي محفوظ »
فتوى الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
قال الشيخ عطية صقر رحمه الله تعالى لا شك أن التمتع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتنزه أمر مباح ما دام في الإطار المشروع، الذي لا ترتكب فيه معصية ولا تنتهك حرمة ولا ينبعث من عقيدة فاسدة، قال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ»
المائدة
وقال سبحانه «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» الأعراف
لكن، هل للتزين والتمتع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز في غيره، وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات، أو بظواهر خاصة ؟ هذا ما نحب أن نلفت الأنظار إليه
إن الإسلام يريد من المسلم أن يكون في تصرفه على وعي صحيح وبُعد نظر، لا يندفع مع التيار فيسير حين يسير ويميل حين يميل، بل لا بد أن تكون له شخصية مستقلة فاهمة، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه، وعن التقليد الأعمى، لا ينبغي أن يكون كما قال الحديث «إمعة» يقول إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت، ولكن يجب أن يوطن نفسه على أن يحسن إن أحسنوا، وألا يسيء إن أساءوا، وذلك حفاظًا على كرامته واستقلال شخصيته، غير مبالٍ من هذا النوععن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي sss5 قال «لتتعبن سنن طريق من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه» قلنا يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟ قال: فمن البخاري، ومسلم
[glint]فلماذا نحرص على شم النسيم في هذا اليوم بعينه، والنسيم موجود في كل يوم ؟[/glint]
إنه لا يعدو أن يكون يومًا عاديًا من أيام الله حكمه كحكم سائرها، بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهي ارتباطه بعقائد لا يقرها الدين، حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشم نسيم الحياة بعد الموت، ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أن الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليوم أردأ منه في غيره أو أغلى ثمنًا.
إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة في الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخُلق والكرامة ممنوعة لا يقرها دين ولا عقل سليم، والنبي sss5 يقول «من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس» رواه الترمذي، ورواه ابن حبان في صحيحه .
فتاوى عطية صقر
فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية لا يبيع المسلم ما يستعين المسلمون به على مشابهة غير المسلمين في أعيادهم، من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكرات.
اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا لا يبيع المسلم لغير المسلمين ما يستعينون به على عيدهم، من الطعام واللباس والريحان ونحو ذلك أو إهداء ذلك لهم، فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرم . اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية
[light=#CCFF99]وبناءً على هذه الفتاوى السابقة، نقول وبالله تعالى التوفيق[/light]
لا يجوز للتجار المسلمين أن يتاجروا بالهدايا الخاصة بهذا العيد من بيض منقوش، أو مصبوغ مخصص لهذا العيد، أو سمك مملح لأجله، أو بطاقات تهنئة، أو غير ذلك مما هو مختص به؛ لأن المتاجرة بذلك فيها إعانة على المنكر الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله sss5 كما لا يحل لمن أهديت له هدية هذا العيد أن يقبلها؛ لأن في قبولها إقرارًا لهذا العيد، ورضًا به، ولا يعني ذلك حرمة بيع البيض أو السمك أو البصل أو غيره مما أحله الله تعالى، وإنما الممنوع بيع ما خصص لهذا العيد بصبغ أو نقش أو تمليح أو ما شابه ذلك، ولكن لو كان المسلم يتاجر ببعض هذه الأطعمة ولم يخصصها لهذا العيد لا بالدعاية، ولا بوضع ما يرغب زبائن هذا العيد فيها فلا يظهر حرج في بيعها ولو كان المشترون منه يضعونها لهذا العيد[/size][/font][/center]
مجلة التوحيد - العدد 85